تخرجت وفاء من كلية الطب جامعة القاهرة وكان هذا اليوم من أسعد أيام حياتها ولم تتمالك نفسها من شدة فرحتها بالنجاح أخيرآ لقد إنتهت سنوات الدراسة العصيبة بحلوها ومرها بسهر الليالى الطوال ونوبات الخوف والقلق والتوتر ياإلهى لقد إنتهى كل ذلك إنها لاتصدق وشعرت وفاء وكأنها عصفورة خفيفة تطير وتحلق فى الفضاء وأكثر ما أسعدها هو حصولها على تقدير مرتفع حصدته بسنوات الكفاح والجهد والمثابرة وأسرعت وفاء الخطى نحو المنزل لكى تنشر الخبر وتضفى السعادة والإرتياح على أسرتها الحبيبة وقالت لها صديقتها سوسن لما لا تتصلى بهم فى التليفون حتى يطمئنوا عليكى قبل عودتك للبيت والذى سوف يستغرق بعضآ من الوقت ومن المؤكد أنهم فى حالة من القلق الان ولكن وفاء ردت عليها بأن من الأفضل أن تكون أمامهم لحظة معرفتهم بالخبر حتى تكون الفرحة ذات طعم ولون ضحكت سوسن وقالت لها يالكى من فتاة ذكية ولماحة ألف مبروك حبيبتى علينا هذا النجاح الباهر وأتركك الان ولاتنسى موعدنا نحن وسمر للإحتفال بنجاحنا والخروج سويآ للتنزه وودعتها سوسن وتركتها لفرحتها السعيدةوهى عائدة إلى المنزل وبداخلها إحساس بالإنتصار والعزم والتصميم على إستكمال طريق الكفاح والنجاح وكانت بالطبع تفكر فى إستكمال دراستها العليا وأن تحقق حلم حياتها منذ كانت طفلة صغيرة وتلعب مع قريناتها وتمثل أنها طبيبة أطفال وتعالجهم وتقدم لهم الدواء وكبر حلمها مع الأيام حتى جاءت الفرصة وإلتحقت بكلية الطب جامعة القاهرة ليبدأ الحلم فى طريق التحول إلى واقع ملموس وكانت وفاء من سكان مصر الجديدة ولا تعرف كثيرآ من أنحاء القاهرة فقد كانت من الكلية إلى البيت ومن البيت إلى الكلية وحين وصلت وفاء إلى منزلهم طرقت الباب دقات عالية سريعة كما وضعت يدها على الجرس ولم ترفع إصبعها أبدآ حتى فتح لها والدها الباب وصرخت بفرحة لقد نجحت ياوالدى نجحت وإرتمت فى حضنه وفى نفس اللحظة خرجت والدتها من المطبخ على صوتها العالى وأسرعت الخطى نحوها وقبلتها وإحتضنتها بشدة وعلا صوتها بزغرودة جلجلت أركان البيت وعمت الفرحة جميع أفراد الأسرة وكان ذلك دافعآ لباقى إخوتها لكى يتفوقوا فى دراستهم حيث أن وفاء هى الأخت الوسطى لمجموعة مكونة من أربع أولاد وبنتان هى أصغرهن ومضى يوم النجاح يومآ ليس كأى يوم فى حياة وفاء طبيبة أطفال المستقبل القريب وكان لها أخآ يعمل ظابطآ فى الجيش وله أصدقاء عديدين ومن بينهم صديق مقرب إليه جدآ يأتى دائمآ لزيارته بالمنزل ويعرف عنه وعن أسرته كل شىء تقريبآ وقد رأى محسن وهذا إسم الصديق وفاء عدة مرات وأعجب بها وبشخصيتها وأخلاقها الجيدة وفاتح صديقه خالد فى طلب يد أخته ورحب خالد بذلك وفرح فرحآ شديدآ فهو يحبه إلى أقصى درجة ويثق به وبأخلاقه وطلب خالد من محسن مهلة عدة أيام لمفاتحة والديه وأخته فى الموضوع ورحب الجميع وأولهم وفاء بذلك وجاء محسن بصحبة والديه وأخته سهام للإتفاق على الخطوبة السعيدة وبدأت الإستعدادات لذلك الحدث السعيد وكانت وفاء مازالت فى فترة الإمتياز وقتها وزاد العمل وإحتكاكها بالناس فى ثقل شخصيتها أكثر وأكثر وتمت خطوبتها إلى محسن وإتفقا على أن يتزوجا وإستكمال دراستها بعد الزواج حيث أنه جاهز من كله وليس هناك داع لتأخير الزواج والعمر يجرى ولابد من التمتع بكل لحظة من لحظات حياتهما معآ وكأنما كانت تحلم فقد تزوجت وفاء وبدأت حياتها الزوجية مع محسن وأنهت فترة إمتيازها وبدأت مرحلة التكليف فى أحد المراكز الصحية بالقاهرة وبعد فترة حوالى سنة تقريبآ تم ترقية محسن وتم نقله إلى الإسكندرية وكان لزامآ على وفاء مرافقة زوجها الحبيب والإنتقال معه والإستقرار فى الإسكندرية وترك القاهرة وترك ذكريات الطفولة هناك وتضحك وفاء حين تتذكر تلك الفترة من حياتها ولماذا تضحك؟ لقد تذكرت أنها كانت دائمآ تردد لأمها أنها لن تتزوج مطلقآ بعيدآ عنها لدرجة أنها كان قد تقدم لها رجلآ فى أحد الأيام من منطقة تبعد عدة كيلومترات من مصر الجديدة فرفضته حتى لا تعيش بعيدآ عن أسرتها ولكن سبحان الله حين تقدم لها محسن وهو أساسآ من محافظة الغربية وقال لها إن ظروف عمله تقتضيه أن يتنقل بين المحافظات لم تتردد فى قبوله كزوج لها وربطت مستقبلها به وبظروفه دون خوف أو رهبة ورجت السعادة من رب العباد جل شأنه وإنتقلا إلى الإسكندرية تلك المدينة الكبيرة التى لم تطأ ها بقدميها سوى عدة مرات قليلة للمصيف فقط ومرت سنة على زواجهما وهى فى غاية السعادة وبدأت التعرف على أماكن متعددة فى الإسكندرية والإعتماد على نفسها فى التنقل بداخلها حيث كان محسن يسافر هنا وهناك ويتركها بمفردها هى وإبنتيها اللتين أنجبتهما وأطلقت على الأولى إسم نهى والثاتية أسمتها ندا وكبرت الإبنتان فى ظل رعاية والديهما الكرام ولم تفرق وفاء فى المعاملة بينهما مطلقآ ولكن إختلفت شخصية كل منهن عن الأخرى فنجد نهى الكبيرة متزنة كثيرآ عن ندا وتهتم بدراستها أكثر ومرت السنوات وتخرجت نهى من كلية الفنون الجميلة وتزوجت من إبن عمها المحاسب محمود الذى أحبته وإقتنعت به أكثر ممن كانوا قد تقدموا لها من قبل وكان محمود يعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة ووبالطبع فقد سافرت نهى معه للإقامة والعمل هناك وقامت بتقديم أجازة بدون مرتب من عملها الأساسى بالإسكندرية وقد نزلت فى أجازة مرتين لزيارة أسرتها بالإسكندرية ولم أخبركم أن نهى قد شغفها حب مدينة القاهرة وإختارت أن تكون شقتها فيها حيث أهل زوجها أيضآ ندا أيضآ تنوى الإقامة فى القاهرة حين زواجها بإذن الله تعالى هذا ونتحدث الان عن ندا فهى قد تخرجت فى كلية التجارة الإنجلش وعملت فى عدة شركات كمبيوتر وهى مغرمة جدآ بالكمبيوتر والإنترنت وشديدة الذكاء مع أنها لاتحمل فى الكمبيوتر أى شهادات خبرة ولكنها تمكنت فيه من كثرة الممارسة والتطبيق العملى وكم تحايلت عليها والدتها أن تأخذ فيه دورات لأن الشركات لاتعترف بالخبرة فى أى مجال دون شهادات الخبرة دون جدوى فقد ركبت ندا رأسها ولم تطغ والدتها فهى عنيدة وكسولة بعض الشىء وكانت عازفة عن العمل حيث أن المرتب لا يعجبها مما جعل والديها يضيقوا بطريقة تفكيرها الطفولية هذه حتى هداها الله وإلتحقت بالشركة الجديدة منذ ثلاثة أشهر تقريبآ وربنا يثبت أقدامها فى هذه الوظيفة على حد دعاء الأم لها وأمنيتها كذلك أن تفرح بها وتسعد بزواجه هى الأخرى مثل أختها نهى وكانت وفاء طوال تلك السنوات مواظبة على زيارة أهلها فى القاهرة بإنتظام وأحيانآ تأتى إليها والدتها للإقامة عندها بعض الوقت فى الإسكندرية وخاصة بعد وفاة والدها سيادة المستشار الكبير رحمه الله وتعب والدتها من فراقه وإصابتها بمرض السكر وضغط الدم المرتفع وحاجتها لوجود من يتابعها ويعتنى بها ورغم ذلك فإن والدة الدكتورة وفاء دائمآ ماتصصم على العودة لشقتها بالقاهرة وتقول لها إننى لا أستريح إلا فى شقتى ولا تجد وفاء بدآ من أن تلبى لها طلبها بالموافقة على عودتها إلى شقتها بالقاهرة وتتصل بأخواتها لكى تتابع معهم حالة والدتها وتطمئن عليها منهم ولقد سافرت وفاء فى إحدى المرات إلى دولة الإمارات لزيارة إبنتها نهى هناك والتسوق فى مهرجان دبى لتسوق وشراء بعض لوازمها من ملابس وغيرها بالمرة مادامت هى هناك فلماذا لل تستغل الفرصة وتتفسح وترى أماكن جديدة لأول مرة فى حياتها ونعود إلى إبنتها الصغرى ندا والتى تقضى معظم أوقاتها مابين العمل فى شركة الكمبيوتر والتنزه مع صديقاتها والجلوس على الإنترنت بالساعات الطويلة طوال الليل والسهر وقلة تناولها للطعام وشحوب لونها بسبب ذلك وكم ضاقت الدكتورة وفاء بهذا ولكن دون فائدة فإن ندا لاتحب الطعام ولاتفكر فيه وتأكل أى شىء وخلاص وخصوصآ الأكلات الجاهزة والتيك أواى ونعود إلى نهى الأخت الكبرى لندا حيث بشرت والديها بأنها حامل وسوف تنزل فى أجازة إلى الإسكندرية قرب حلول ولادتها وسعد الأبوين بهذا الخبر السعيد وجاءت نهى وسهرت دكتورة وفاء على راحتها وتولت أمورها حتى جاء ميعاد الولادة وسمعت وفاء صوت البيبى وتهللت أساريرها وأسموه على وكان على أول حفيد للدكتورة وفاء وسيادة اللواء محسن وملأ البيت عليهم بالسعادة والسرور وبعد شهرين من ولادة نهى كان لابد من عودتها إلى الإمارات حيث سبقها زوجها محمود إلى هناك وجهز كل شىء وتم عمل باسبورت للبيبى الصغير على وتم عمل إقامة له كذلك وسط ضحكات كل من يسمع هذا الخبر ألهذا البيبى الصغير إقامة وباسبورت؟ هههههههههههههههههههه ياللعجب وكان لابد من عمل تلك الترتيبات حتى يتم عودة نهى ومولودها إلى الإمارات بسرعة وعدم التأخير والتباطىء إذا تم إضافة المولود على باسبورت والدته نهى ومرت الأيام وسافرت نهى والمولود وأصبح البيت فارغآ على الدكتورة وفاء وإشتاق قلبها إلى المولود الذى سافر وسافر معه حبها له يلازمه ويرعاه وهى تفكر فى أن تسافر بعد فترة لرؤيته ومداعبته بعض الوقت وتحكى الدكتورة وفاء تلك الحكايات بصورة شبه يومية لصديقاتها فى العمل وقد أصبح عمر الدكتورة وفاء الان الثانية والخمسين لقد كبرت وتعبت وربت وجنت ثمرة النجاح والكفاح وقد أصبح زوجها على المعاش وأمنيتها الان هى أن يكرم الله إبنتها ندا بالزوج الطيب الصالح مثل أختها 
وربنا يحقق لها أمنيتها 
تمت بحمد الله تعالى
بقلم
أختكم فى الله
هانيا
ويارب تحوز الإعجاب
ومنتظرة ردودكم
سلااااااااااااااااااااام