المشاركات الشائعة

الأربعاء، 13 يونيو 2012

رحلة البحث عن فتحى (قصة قصيرة ) بقلمى

ألم تتعبى من البحث عنه؟
كفاك بحثآ عن وهم ضائع
وتنظر مى إلى أختها مروة بغيظ وتتأفف ضجرآ من كلامها 
وتقوم من جوارها متجهة نحو غرفتها الصغيرة 
وهى تقول فى نفسها الوحدة خير من الجلوس مع أختى مروة
التى دائمآ ماتصيبنى بالإحباط الشديد كلما جاء ذكر فتحى
فتحى أيا حبى الكبير
أين ذهبت وتركتنى؟
لقد بحثت عنك فى كل مكان
ولم أجد لك أثرآ
وترقرت عينا مى بالدموع
وإنسابت على وجنتيها آخذة فى طريقها الكحل الذى كانت تزين به عيناها حين خرجت منذ ساعتين فى زيارة لعمتها الحبيبة والتى ترتاح للجلوس معها
منذ وفاة والدها وهى تذهب إلى عمتها مرتين فى الأسبوع
وأحيانآ أكثر من ذلك لو أتيحت لها الفرصة
وكم ألحت عليها عمتها أن تقيم معها
فهى تعيش بمفردها وتتمنى لو تؤانسها فى وحدتها
ولكن كيف ذلك؟
إن والدة مى لاتستطيع الإستغناء عنها
فهى ماهرة فى أعمال البيت وأيضآ مرحة خفيفة الظل 
على عكس مروة التى تتسم بالشدة والحزم والجدية الزائدة عن الحد
ثم إن مى لازالت تدرس بالجامعة وكليتها قريبة من منزل والدها 
فما الذى يجعلها تعيش مع عمتها بعيدة المسكن 
وعادت مى تتذكر فتحى
حبيبها الذى غاب فجأة دون أن تعرف مكانه
أين ذهب ؟
موبايله مغلق دائمآ
لا يذهب إلى كليته
أصحابه ينكرون معرفتهم بأخباره
هل يتنكر لها بعد قصة الحب التى عاشت بينهما؟
هل يهرب منها؟
ولماذا يفعل ذلك؟
إنها لم تفعل شيئآ يغضبه أبدآ منذ عرفته وأحبته
هل ظهر فى حياته حب جديد؟
أسئلة كثيرة محيرة تدور برأسها 
وتعبت مى من التفكير
وحاولت أن تنام دون جدوى
وتناولت قرص أسبرين من جانبها على الكومود لتسكن به الصداع الشديد الذى ألم برأسها وأتبعته بقليل من الماء وعادت تحاول النوم
وفى تلك اللحظة سمعت صوت أمها بالخارج
لقد عادت لتوها من مشوارها عند الصائغ
لقد ذهبت إليه تبتاع أسورتها الذهبية
لكى تسد بثمنها فى بعض مصروفات البيت
فلم يعد معاش الأب يكفى متطلبات الحياة الضرورية
فهناك مصروفات الجامعة لمى ومروة
وهناك مصروفات المدرسة لأخاهم الصغير مؤمن
الذى يدرس بالصف الثالث الإعدادى
وغيرها من المصروفات مثال الماء والغاز والكهرباء والطعام والشراب والمواصلات والملابس وخلافه
لقد ذاقت تلك الأم مرارة العيش بعد وفاة زوجها الذى مات فجأة دون مقدمات
ولم يكن مصابآ بأى مرض
وتركها فى زحمة الحياة ومعها ثلاثة أبناء مى ومروة ومؤمن
وكم تعبت فى تربيتهم بمفردها
وقاست الأمرين مابين عناد مروة ودلع مى وشقاوة مؤمن
أيام وشهور وسنوات طويلة منذ رحيل الزوج
مايقرب من سبع سنوات
وهى ليست لها خبرة كبيرة بمجالات الحياة فهى لم تعمل قط قبل ذلك
وقضت حياتها معه مجرد ربة منزل 
وبدأت تتعلم أشياء جديدة تعينها على الحياة
تعلمت حياكة الملابس وأتقنتها جيدآ
وكسبت منها مالآ وفيرآ أعانها على تربية وتعليم الأبناء الثلاثة
حتى تعبت عيناها ولم تعد قادرة على الخياطة
فإضطرت لترك تلك المهنة 
ومرت بها أوقات عصيبة ومن رحمة الله بها
وجدت عملآ بسيطآ فى أحد المحال التجارية 
تذهب للعمل به فى الفترة الصباحية
وتعود لبيتها محملة بالطعام والشراب 
والحياة هكذا يوم حلو ويوم مر
وكل مايهمها هو أن يتعلم أبناؤها ويتخرجوا من الجامعة
ويحققوا مالم تحققه هى ووالدهم من ناحية التعليم العالى
وحين سمعت مى صوت والدتها خرجت لتتحدث معها 
ووجدت مروة تجلس معها والأم تخرج مبلغآ من المال هو ثمن الإسورة المباعة
ونظرت الأم لمى وسألتها
ماذا بك يامى أراك شاحبة اللون؟
ردت مى 
لا تقلقى يا أمى إنه صداع بسيط وسيذول بإذن الله
لقد أخذت قرصآ من الأسبرين
أليس هناك أخبار جديدة عن فتحى؟
تنهدت الأم وقالت 
كلا يا إبنتى
حاولى أن تنسى هذا الموضوع يامى
لقد ذهب فتحى ولن يعود
كان خطيبك وذهب وإختفى
الله أعلم أين هو الآن
إسمعى يا مى
غدآ تنتهين من دراستك ويزقك الله بخير منه
لقد تعبت من الكلام فى موضوع فتحى 
ويكفى ماجرى
أرجوك ياإبنتى
حاولى نسيانه
وخذى النقود التى طلبتيها منى
وأخذت مى النقود ولم تتفوه بكلمة
وكان الحزن يرتسم على وجهها
وتوجهت مرة أخرى لحجرتها
ودموعها مازالت تجرى على خديها
ووضعت نفسها على السرير
وبعد قليل ذهبت فى سبات عميق
وهى إلى الآن تبحث عن فتحى
وتنتظره فى كل يوم
وتخشى أمها وأختها أن يصيبها الجنون
ومع الوقت أكيد سوف تنسى فتحى هذا
وتعيش حياتها من جديد
والموضوع يحتاج لبعض الوقت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق